Arab Wall

المونسنيور أيوسو: الحوار ليس اختياري، وإنما هو الرد الصحيح والوحيد على الخوف

convegno dialogo giordaniaشارك أمين سر المجلس الحبري للحوار بين الأديان المونسنيور ميغيل أنخيل أيوسو غيسكو في "لقاء الأديان العالمي من أجل السلام" الذي سيحضره البابا فرنسيس

فرانشيسكو بيلوسو
مدينة الفاتيكان

نقلته إلى العربية: منير بيوك – المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأردن

 

أمين سر المجلس الحبري للحوار بين الأديان المونسنيور ميغيل أنخيل أيوسو غيسكو هو من بين المشاركين في "لقاء الأديان العالمي من أجل السلام" الذي يجري انعقاده حاليًا في أسيزي، ومن المقرر أن يحضره البابا فرنسيس. قال: علينا أن نتصرف كمؤمنين وكمواطنين للقيام بدورنا من أجل السلام وللمساعدة في بناء مجتمع أكثر انسجامًا. إن المجتمع الدولي بحاجة إلى تحمل مسؤولياته. علينا عدم الاستسلام لإغراء إقامة الحواجز. "أدعو أن يسود دائمًا احترام كرامة الإنسان".

 

بعد ثلاثين عامًا من أول اجتماع سلام تاريخي في أسيزي مع يوحنا بولس الثاني، اجتمع العديد من القادة الدينيين في مدينة فرنسيس لتعزيز الحوار بين الأديان. وما زلنا نعاني من العيش في فترة صعبه من الهجمات والصراعات وازدياد كراهية الغرباء. ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الأديان في هذا السياق؟

 

"أعتقد أننا بدأنا بإدراك شيء واحد. فبينما يبدو من ناحية أن الدين يدخل في المجال السياسي بعض الشيء، إلا أن السياسة أيضًا تشعر بالحاجة إلى الدخول في عالم الأديان. ماذا يمكننا أن نفعل بعد ثلاثين سنه من "روح أسيزي"، في مواجهة عالم مظلم كهذا حيث هناك الكثير من المعاناة؟ أعتقد أنه من المهم بالنسبة لنا أن نعيد اكتشاف كلا بعدي هويتنا كمؤمنين وكمواطنين أيضًا. بالتالي، فمن خلال العمل معًا في كلا البعدين من حياتنا، وبطريقة تتسم بالتناغم والاحترام، يمكننا أن نبني مستقبلنا بروح من الاحترام المتبادل على الرغم من الاختلافات القائمة. يمكننا ضمان الحفاظ على سيادة كرامة الإنسان علمًا أنها في كثير من الأحيان تتلاشى وتحتاج للحفاظ عليها".

 

اليوم، هناك خوف شاسع يقف في طريق الحوار. ما هي الأدوات التي يمكن للمرء أن يستخدمها للتعامل مع مثل هذه المشاعر التي قد تكون غير منطقية في بعض الأحيان؟

 

"يحتاج حوار اليوم إلى أخذ الخوف بعين الاعتبار لأنه لن يكون هناك حل للصعوبات التي نواجهها عن طريق وضع رأسنا في الرمال. على العكس من ذلك، يجب علينا أن نعترف بها وندرك بأن هذا البعد من الخوف موجود بالفعل. لكن الخوف هو عدو كل حوار. لذا فيجب ألا تهبط عزيمتنا لأن هذا من شأنه أن يؤدي بنا إلى الاعتقاد بقوة الناس العاديين على الإستحواذ على السلطة. نحن بحاجة إلى بناء مستقبل البشرية معًا بروح من الأخوة كما يذكرنا البابا فرنسيس باستمرار. لذلك، فالحوار يجري في هذين السياقين: الخوف من جهة والحاجة إلى الحوار من جهة أخرى. لهذا السبب يجب ألا تثبط عزيمتنا، ولكن يجب أن نتمسك بالأمل. فلا يجب اعتبار التحرك إلى الأمام كنوع من "العمل الطيب المفترض". ولكن ينبغي أن ينظر إليه على أنه شيء جدي، مهم، وحيوي. إنه ليس عمل اختياري، إنما يتطلب التزامًا نحو السلام".

 

إننا نشهد تطورًا في الحوار مع الإسلام. إن ذلك ليس مجرد حالة من الاحترام المتبادل بين الجيران، فذلك يتطرق بالفعل إلى أدق التفاصيل الجوهرية للأشياء. كيف يمكن لهذا التبادل بين المسيحية والإسلام، "بيننا" وبين الثقافة الإسلامية المضي قدمًا؟

 

"يجب علينا مواصلة السير على طريق الحوار الإسلامي المسيحي الذي يواجه صعوبات. لكن أعتقد أنه من المهم أن نميز هنا بين العنف الأعمى والتلاعب بالإيمان اللذان ليسا جزءًا من الدين، فالدين الإسلامي بحد ذاته ليس مسؤول عن الكثير من الشرور في العالم. وبالتالي، فإن مهمتنا في عملية الحوار بين الأديان تتمثل باستئناف هذا المسار وتجديده، وبأن نكون بناة سلام بعبارة أخرى، حتى في خضم هذه الصعوبات، وأن نتغلب عليها. وللإيضاح، يجب على كل واحد منا، خصوصًا أولئك الذين يمارسون السلطة، أن يدين بوعي عميق وواضح كل أشكال العنف وأن يرسي دعائم مستقبل يشكل التعليم عامله الأساسي. نحن بحاجة إلى العمل باستمرار وسيستغرق تحقيق السلام وقتًا طويلا. وكما هو الحال دائمًا، يستطيع التعليم على جميع المستويات أن يساعدنا على تحقيق هذا الهدف. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويضمن تطبيق القوانين الدولية القائمة. فالوسائل لتحقيق ذلك قائمة، وبذلك ما الذي نستطيع تقديمه؟ أعتقد أن البابا فرنسيس يقدم للبشرية جمعاء علامات، دعونا نأمل بأن يقبل رسالته الجميع".

 

هنا في أسيزي، قال رئيس أساقفة روين، المونسنيور لو برون، أنه لا يجب استخدام استشهاد الأب  هاميل كذريعة للنزاع. فهل هناك خطر من أن وقائع كهذه ستثير مزيدًا من الصراع؟

 

"نعم، قد يحدث ذلك عندما يكون هناك أفراد يستسلمون إلى الخوف ويكون ردهم على هذا من خلال بناء الجدران، وإقامة الحواجز، ومعاداة الناس ضد بعضهم البعض بدلاً من أن يتابعوا مسار الحوار. وفي هذا الأثناء، فإن مهمتنا هي أن نتعلم الدرس من أحداث حزينة ومؤلمة مثل الذي وقع في روين -الذي وصفه رئيس الأساقفة بصورة جيدة حركت مشاعرنا- ونتابع مسار الحوار. فهذا الاستشهاد، الذي حرك مشاعر المسلمين، يحتاج إلى أن ينظر إليه باعتباره مثالاً يلهمنا للسماح بأن يسود الحوار، ويدفعنا بعيدًا عن إغراء التخلي عن كل ما حققناه في السنوات الخمسين الماضية - من وجهة النظر الكاثوليكية منذ انعقاد المجلس الفاتيكاني الثاني. هنا تكمن الصعوبة. لكننا كزعماء دينيين، لا يمكننا العثور على هذه الحلول وحدنا. فمن طبيعة الحال أننا بحاجة إلى تعريف الناس بالإيمان الحقيقي، وبتعليمهم احترام التقاليد الدينية المختلفة في حين نتواجد في جميع أبعاد الحياة. تبرز العديد من المشاكل من الفوارق العديدة القائمة في مجالات اجتماعية ومالية. إنها صعوبات قادرة على خلق قدر كبير من الفقر، والبؤس، إضافة إلى العديد من الصراعات والحروب. لذلك فإن هذا هو السبيل الوحيد الذي لا بديل عنه. نحن بحاجة إلى بذل قصارى جهدنا لضمان بأن يتمتع جيل المستقبل الجديد بالسلام، أن يعيش بسلام ويأن فرح بالهدايا التي يقدمها الله لنا

".

  ©  http://vaticaninsider.lastampa.it/vatican-insider-arabo/articolo/articolo/45340/   20.9.2016